Saturday, January 13, 2007

كاتب من ايران

مقالات سياسية - يوسف عزيزي - كاتب من ايران
يستمد التمييز القومي والاجتماعي بين القومية المهيمنة من جهة وسائر القوميات الايرانية من جهة أخري، يستمد اصوله من سياسة القهر والعنف التي رافقت تكوين الامة وبناء الدولة القومية (بمفهومها الفارسي وليس الايراني) علي يد رضاشاه وبدعم وايحاء من الاجانب، حيث تم تكريس سلطة القومية الواحدة سياسيا واقتصاديا وثقافيا، الامر الذي حال دون التطور الطبيعي للتنمية لدي ساير الشعوب الايرانية، ولعل هذا هو السبب الرئيسي وراء تخلف مناطق القوميات غير الفارسية وعدم وجود تجانس وتوازن للتنمية الاقتصادية والتقافية فيها. في الحقيقة نحن نشاهد في بلادنا تركيبة اقتصادية واجتماعية معقدة تحتل فيها الثغرات والهوات القومية مكانة بارزة.الوضع الاقتصادي للمحافظات الكردية والبلوشية والتخلف المستشري فيها واضح للعيان، ولم يعد هناك من ليس له اطلاع عليه. ويعزو بعض الخبراء قسم من هذا التخلف الي نقصان في المصادر الطبيعية، لكن هذا الاسنتاج غير منطقي لسببين:الاول، لم تستغل حتي الان وبشكل جيد المصادر الطبيعية والثروات الاقتصادية الموجودة في هذه المناطق. ثانيا: من واجبات الدولة الوطنية، العمل بشكل محايد ودون موالاة لهذه القومية او تلك المحافظة، وان يكون عملها هذا قائم علي تنمية متوازنة في جميع انحاء البلاد.
اعلنت جريدة (نوروز) الايرانية في احد اعدادها الصادر في تموز (يوليو) عام 2001 اعلنت انه وخلال ثمان سنوات من رئاسة السيد هاشمي رفسنجاني، بلغ حجم الاستثمارات في محافظة كرمان (وهي مسقط رأسه) 300 ضعفا مما هو عليه في محافظات آذربايجان الشرقية والغربية وزنجان واردبيل (وهي محافظات تقطنها اكثرية تركية آذرية).
وعلي هذا المنوال انخفض مستوي حجم الاستثمارات في محافظة خوزستان (الاهواز) الي حد كبير، قياسا الي ما قبل الثورة وحتي قبل الحرب العراقية الايرانية وذلك استنادا الي تصريحات المسؤولين. وفي الحقيقة ان القسم الاكبر من ثروات هذه المحافظة ــ حتي غير النفطية منهاــ تخرج منها، حيث تعد اغني محافظة من الناحية الصناعية والزراعية والجمركية والخدمية. اذ يشكل النفط المستخرج منها ما يعادل 80 ــ 90% من عائدات البلاد.
واستنادا الي تصريحات نواب مدينتي عبادان والمحمرة (خورمشهر) في البرلمان الايراني، لم ينجز الا 20 ــ 30% من اعادة اعمار هذين المينائين فحسب، في حين انهما كانا قبل الحرب العراقية ــ الايرانية من اكثر الموانئ الايرانية نشاطا.
في الماضي وبسبب الحرب العراقية ــ الايرانية وحاليا بسبب استمرار حالة اللا سلم واللاحرب تم اهمال هذين المينائين الهامين تماما وحل محلهما موانئ اخري كموانئ بندرعباس وجابهار، ناهيك عن ان شط العرب والذي يعتبر اهم شريان حيوي لمدينتي المحمرة وعبادان لم يطهر من مخلفات الحرب بعد. فلهذين المينائين الافضلية علي ساير المناطق الايرانية الأخري في مجال المواصلات البحرية والارضية والسكك الحديدية واجهزة البني التحتية الصناعية والنفطية والخدمية. ومنذ سنوات واهالي هذه المدن يطالبون باقامة منطقة اقتصادية حرة فيهما، غيران هذا لمشروع ورغم اقراره لايزال حبرا علي ورق ودون تنفيذ. لكن ومنذ عقد من الزمن اختيرت مدينة سيرجان في محافظة كرمان وهي اساسا ليست ميناءا ولا تمتلك خصوصية هذي المينائين، اختيرت كمنطقة اقتصادية حرة. ان ربط خط سكك الحديد في المحمرة بمدينة البصرة العراقية ومن هناك بسورية تستطيع ان تلعب دورا هاما في اخراج هذه المدينة من ضائقتها الراهنة واعادة ازدهارها الاقتصادي اليها. في الحقيقة ان التركيز المتزايد للتنمية الاقتصادية في المناطق الوسطي لايران وبخاصة طهران وكرمان وسيرجان ويزد واصفهان يبين لنا التوجه القومي الفارسي في التخطيط الاقتصادي للبلاد.وبما ان ممثلي القومية المهيمنة يمسكون بالمفاصل الرئيسة للسلطة، فانهم اتخذوها وسيلة للاستفادة منها في التنمية الاقتصادية في مناطقهم اكثر من المناطق الاخري.
في منطقة بلوشستان (ذات الاغلبية البلوشية) لم يتم تدشين اي سد ماعدي سد (بيشين) ــ الذي لم يكتمل بعد ــ واي معمل ماعدي معمل (بلوش) للنسيج، الذي اسس في عهد الشاه. في حين يؤكد الخبراء ان اراضي هذه المنطقة صالحة لزراعة الموز والحمضيات.
الآثار المدمرة للحرب العراقية الايرانية
علي المدن الايرانية الحدودية مع العراق
لقد تركت الحرب العراقية الايرانية والتي استمرت ثمان سنوات (1980 ــ 1988) خسائر اقتصادية واجتماعية كثيرة تركت اثارها السلبية علي حياة المواطنين العرب الاهوازيين في المناطق الحدوية،والمدن الاهوازية مثل الخفاجية والشوش والمحمرة وعبادان ومدينة الاهواز. ولعل الدمار والتخريب الناتج عن الحرب في هذه المحافظة، اكثر من اي محافظة اخري في ايران، حيث ما يزال اهالي محافظة خوزستان (الاهواز) بصورة عامة، والعرب بصورة خاصة، يعانون من آثارهاا المدمرة. وفي الحقيقة يتطابق حاليا في المناطق العربية ــ وبشكل تقريبي ــ الاضطهاد القومي مع الاضطهاد الطبقي حيث توجد هناك هوة اقتصادية وثقافية عميقة بين العرب وغير العرب. فعلي سبيل المثال ان العرب اليوم يشكلون الغالبية العظمي من حزام البؤس حول مدينة الاهواز ويحاصرون بذلك اقلية غنية من غير العرب في وسط المدينة. وقد شاهدنا مظاهر الانفجار السياسي لهذه الهوة في مظاهرات الايام العشرة التي حدثت في الفترة (22 ــ 31/12/2002) وهذه الهوة هي كالبركان يمكن ان ينشط ويثور في اي لحظة.
السوق والقطاع الخاص ــ سواءا التجاري منه او الصناعي او الخدمي ــ في خوزستان (الاهواز) اساسا بيد غير العرب، وان كان العرب يسجلون حضورا داكنا في قطاع الخدمات، الا اننا في المجموع نشاهد في القطاع الخاص تمييزا قوميا حتي في تقسيم العمل. ونشاهد هذا التميز ايضا حتي في مجال اشغال الوظائف الحكومية، فمن 25 منصبا حكوميا مهماً في محافظة خوزستان (الاهواز) والذي يشمل المديريات العامة وماشابهها هناك 2 ــ 3 مناصب منها بيد العرب اي اقل من 5% وتصل هذه النسبة في مدينة الاهواز الي 10 ــ 15% وهذا يعني ان 66% من السكان (العرب) يشغلون اقل من 5% من المناصب الرئيسة في المحافظة. في بلوشستان وهي منطقة يقطنها البلوش من اهل السنة، عين عام 2002 ولاول مرة قائمقام بلوشي في احد مدنها وذلك رغم ان البلوش يشكلون 70% من السكان في محافظة بلوشستان وسيستان، كماان تواجدهم في مراكز مهمة كمديرية المحافظة يكاد ان يكون محدودا. واستنادا الي تصريحات السيد عبدالعزيز دولتي بخشان ــ الانف الذكرــ نادرا ما نشاهد البلوش في صفوف قوات الحرس الثوري او القوي الامنية والاستخبارات، في حين كان البلوش قبل الثورة يعملون في صفوف الجيش الاان الغالبية العظمي منهم احيلوا اليوم الي التقاعد. وخلال 23 سنة الماضية كان امام مدينة عبادان (65 ــ 70%من سكانها عرب) وامام مدينة الاهواز (75% عرب) وامام مدينة المحمرة ــ خورمشهر ــ (85% عرب) كلهم من غير العرب وهذا خلافا لقبل الثورة حيث كان معظم ائمه هذه المدن من العرب الاهوازيين. وفي مجال الادمان علي المخدرات تعاني محافظتي خوزستان (الاهواز) وبلوشستان اكثر مما تعانيه ساير المناطق الايرانية، ولم تكن الاساليب المتبعة في مكافحتها فعالة وناجعة.

AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1719 --- Date 26/1/2004

جريدة (الزمان) --- العدد 1719 --- التاريخ 2004 - 1 - 26

No comments: